قالت الزوجة في نبرة حزن وأسي في حديثها الهاتفي لأحد البرامج الدينية بإحدي القنوات الفضائية :
ن زوجها (المحترم) اعتاد ضربها بشدة لتقصيرها في تنظيف بيت الزوجية، وهي تخشي انهيار هذا الزواج رغم علاقة الحب والمودة والعشرة بينهما..
الغريب إن الزوجة أكدت وبشدة أن زوجها رجل متدين وذو خلق رفيع، ولكن عيبه الوحيد هو الضرب المبرح ؟؟
لهذا السبب الوحيد حتي إنها باتت ترتجف خوفاً كلما حان موعد عودته من عمله. وللحقيقة لولا تأكيد الزوجة الشاكية علي حُسن أخلاق زوجها وتدينه وحبه لها، لقلت إنه رجل غير سوي نفسياً وفي حاجة للعلاج .
بعدها سألت، هل يا تُري يمكن لزوج علي خلق ودين ومحب لزوجته أن يضربها وبقسوة لمجرد عدم رضاه عن مستوي نظافة وترتيب بيته؟
وهل هذه أحد موروثات (سي السيد) الذي يريد العودة إلي بيته فيجده تمام التمام وتكون زوجته (المطيعة) في انتظاره تقدم له الطعام والشاي ثم تغطيه لينام وتظل حارسة علي توفير الهدوء والسكينة لسيادته حتي يصحو ويستمر في توجيه الأوامر والطلبات؟!
قد تكون مثل هذه الحالة التي ذكرتها شاذة بعض الشيء ولكنها لا تنفي وجود ظاهرة ضرب الأزواج للزوجات في مجتمعاتنا العربية، والمستمرة رغم ارتفاع مستويات التعليم وتغير كثير من عادات وتقاليد مجتمعاتنا نتيجة العولمة وانتشار تقنيات العصر..
واستمرار هذه العادة القميئة في رأيي عائد إلي انتشار الفقر بين أوساط الملايين في هذه المجتمعات وما يصاحبه من ضغوطات حياتية كبيرة علي هذه الأسر.
ناهيك عن انتشار الأمية، والموروثات القديمة عن المرأة، والقمع الذي يتعرض له الرجل سواء من رؤسائه في العمل أو من بعض المؤسسات الرسمية في بلده مما يغرس في نفسه قدراً كبيراً من الشعور بالقهر يدفعه للخروج عن شعوره وصب جام غضبه علي الطرف الأضعف في حياته
ولكن.. ماذا لو احتجت هذه الزوجة علي ضرب زوجها لها، وطالبته أن يشاركها في أعمال المنزل..
هل كان سيكتفي بضربها، أم أن الأمر كان سيصل إلي أبعد من ذلك بكثير؟
قبل عامين.. نشرت بعض المواقع الإلكترونية تقريراً طريفاً نقلاً عن مراسلة (بي بي سي نيوز في مدريد، قالت فيه إن البرلمان الأسباني أقر صيغة (عقد زواج) يجبر الرجال علي أخذ قسط من الأعمال المنزلية بالإضافة إلي العناية بالأطفال والمسنين من أفراد العائلة وهو ما اعتبره البعض ثورة في الدور الذي يلعبه الرجل خاصة وإن نصف الرجال الأسبان تقريباً يعترفون بعدم قيامهم بأي عمل منزلي.
قلت لنفسي: ماذا لو صدر مثل هذا القانون الأسباني في عالمنا العربي.. حينها ستكتظ أقسام الشرطة والمحاكم بآلاف الشكاوي والقضايا من الزوجات ضد أزواجهن لإجبارهم علي المشاركة في تحمل الأعمال المنزلية مثل الطبخ وغسل الصحون وتنظيف السجاد وتغيير البامبرز للأطفال.
ولا غرابة في إساءة بعض الزوجات لاستخدام هذا الحق في إرهاب الزوج وتطليقه لأي سبب مثلما حدث بعد تطبيق قانون الخلع..
عندئذ سيضاف إلي أسباب تفكك الأسر وانهيار بيوت الزوجية سبب جديد وقوي. مساعدة الزوج لزوجته في أعمال المنزل ليست عيباً ولا تقليلاً من قدره وقيمته.. بل علي العكس هي نوع من المشاركة بين الاثنين لإنجاح حياتهما الزوجية،
ولنا في مواقف رسولنا الكريم (صلي الله عليه وسلم) القدوة والمثل في مساعدته لزوجاته، فقد كان عليه الصلاة والسلام يخصف النعل ويرقع الثوب ويخدم في أهل بيته ويقطع معهن اللحم . طبعاً .. الإعلام العربي ساهم بقدر ما في التحقير من صورة الرجل الذي يشارك زوجته في أعمال المنزل، عندما صورته بعض الأفلام والمسلسلات في موقف الرجل الضعيف.
عزيزي الزوج.. هل تقوم حقاً بمشاركة زوجتك في أعمال المنزل مثلما تشاركها الراتب الذي تتقاضاه من عملها لمواجهة أعباء الحياة؟
إذا لم تكن كذلك ..
فنصيحتي المخلصة لك بمشاركتها طواعية.. بدلاً من أن تفاجأ بقانون جديد مثل القانون الأسباني يجبرك علي تنظيف البيت وغسل الصحون .. وسلامات يا سي السيد!!.
فضفضة أخيرة:
تنفق المرأة عشر سنوات لتغيير عادات الرجل، ثم تشكو من أنه رجل آخر غير الذي تزوجته.
الجمعة 23 مايو - 14:58 من طرف مجنونة ابوتريكة