[center]النية في الصيام
نسيت نية الصيام بالليل، ثم تذكرت بعد الفجر أنني لم أنو. فهل يصح صومي؟
الإجابة لفضيلة الشيخ عطية صقر -رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقًا-
النية للصوم لا بد منها، ولا يصح بدونها، وأكثر الأئمة يشترط أن تكون لكل يوم نية،
واكتفى بعضهم بنية واحدة في أول ليلة من رمضان عن الشهر كله، وقتها من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، فإذا نوى الإنسان الصيام في أية ساعة من ساعات الليل كانت النية كافية، ولا يضره أن يأكل أو يشرب بعد النية ما دام ذلك كله قبل الفجر،
روى أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له".
ولا يشترط التلفظ بالنية، فإن محلها القلب، فلو عزم بقلبه على الصيام كفى ذلك، حتى لو تسحَّر بنية الصيام، أو شرب حتى لا يشعر بالعطس في أثناء النهار كان ذلك نية كافية، فمن لم يحصل منه ذلك في أثناء الليل لم يصح صومه، وعليه القضاء. هذا في صوم رمضان، أما صوم التطوع فتصح نيته نهارًا قبل الزوال
تبدل النية
هل يفسد صوم من نوى الإفطار؟
يجيب الدكتور عبد الكريم زيدان - أستاذ الشريعة الإسلامية -حفظه الله-:
من نوى الإفطار، فقد فسد صومه وأفطر:
ظاهر مذهب الحنابلة أن من نوى الإفطار فقد افطر، وهو قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي، إلا أن أصحاب الرأي - أي الحنفية - قالوا: إن عاد فنوى قبل أن ينتصف النهار أجزأه، بناء على أصلهم أن الصوم يجزئ بنية من النهار.
وحكي عن ابن حامد من الحنابلة أن الصوم لا يفسد بذلك؛ لأنه عبادة يلزم المضي في فاسدة فلم تفسد بنية الخروج منها كالحج.
إلا أن الإمام ابن قدامة الحنبلي - رحمة الله تعالى - ردّ على قول ابن حامد: بأن الصوم عبادة من شرطها النية، فتفسد بنية الخروج منها كالصلاة؛ ولأن الأصل اعتبار النية في جميع أجزاء العبادة، ولكن لما شق اعتبار حقيقتها اعتبر بقاء حكمها، وهو أن لا ينوي قطعها، فإذا نواه زالت حقيقة وحكمًا فيفسد الصوم، لزوال شرطه، ولا يصح القياس على الحج، فإنه يصح بالنية المطلقة والمبهمة، وبالنية عن غيره إذا لم يكن حج عن نفسه فافترقا .
صيام الصغار ومتى يكون؟
بالنسبة للولد : متى يصوم؟ وكذلك البنت؟ وهل هناك سن محددة شرعاً لذلك؟
يجيب فضية الدكتور الشيخ يوسف القرضاوي - حفظه الله.
جاء في الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (رفع القلم عن ثلاث : عن الصغير حتى يكبر، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق) -رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه والحاكم عن عائشة بإسناد صحيح، ورواه أحمد وأبو داود والحاكم عن علي وعمر بألفاظ متقاربة، ومن طرق عديدة يقوي بعضها بعضاً-،
ومعنى رفع القلم: امتناع التكليف؛ أي ليسوا مكلفين، غير أن الإسلام وهو دين يراعي طبيعة البشر أراد أن يأخذ الأولاد من الصغر بهذه العبادات والطاعات، ليمارسوها ويتدربوا عليها.
فجاء في الحديث عن الصلاة: (مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر) -رواه أحمد وأبو داود والحاكم عن عبد الله بن عمرو بن العاص-، والصيام أيضاً عبادة وفريضة كالصلاة. فالواجب أن يدرب عليها الأولاد،
ولكن من أي سن؟ ليس من الضروري لسبع؛ لأن الصيام أشق من الصلاة، إنما يرجع الأمر إلى طاقة الصبي. فكلما رأى الوالد أو رأى ولي أمر الطفل أنه يطيق الصيام -ولو أيامًا معينة في كل شهر- فليدربه على ذلك، يدربه على الصيام سنة بعد سنة، سنة يصوم ثلاثة أيام، وأخرى يصوم أسبوعًا، والتي بعدها يصوم أسبوعين، والتي بعدها يصوم الشهر كله، فإذا جاء وقت البلوغ -وهو وقت التكليف- كان قد زاول ومارس عملية الصيام فلا تشق عليه، فهذه هي التربية الإسلامية أن يؤخذ الصبي من صغره، ومنذ نعومة أظفاره بآداب الإسلام وفرائضه حتى يتعود عليها،
وقد قال الشاعر:
وينفع الأدب الأحداث في صغر وليس ينفع عند الشيبة الأدب
إن الغصـون إذا قومتها اعتدلت ولن تلين إذا قومتها الخشـب
فعلى الآباء وعلى أولياء أمور الصبيان والبنات أن يعودوهم ويعودوهن الصيام والصلاة، الصلاة منذ سن السابعة والضرب عليها عند العاشرة، والصيام منذ يطيق الصبي ولو بعد السابعة بسنة أو بأكثر عندما يطيق، يأمره الأب بالصيام.
ويقول فضيلة الشيخ عطية صقر - رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف
الصوم كسائر التكاليف لا يجب على المسلم إلا عند البلوع، وذلك لحديث: "رفع القلم عن ثلاث؛ عن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق" -رواه أحمد وأبو داود والحاكم وصححه-، ولكن بعض العلماء أوجب على الصبي إذا بلع عشرًا أن يصوم، وذلك لحديث: "إذا أطاق الغلام صيام ثلاثة أيام وجب عليه صيام شهر رمضان" -رواه ابن جريج-، وكذلك قياسًا على الصلاة التي أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بضرب الغلام عليها إذا بلغ عشرًا، لكن الرأي الأول هو الصحيح، وهو عدم وجوب الصوم إلا بالبلوغ.
ومن هو دون العشر ليس هناك خلاف في عدم وجوب شيء عليه من صلاة وصيام وغيرهما إلا ما قيل في الزكاة، وسنبينه في موضعه، ولكن من ذلك يستحب أن يمرن على العبادات، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمرنا أن نأمر أولادنا بالصلاة لسبع سنين، كما رواه أبو داود بإسناد حسن. وكان الصحابة يمرنون أولادهم على الصيام أيضًا، روى البخاري ومسلم عن الربيع بنت معوذ بن عفراء أنهم كانوا يصومون عاشوراء، ويصومون صبيانهم الصغار، ويذهبون بهم إلى المسجد، ويجعلون لهم اللعبة من الصوف، فإذا بكى أحدهم من أجل الطعام أعطاه إياها حتى يحين وقت الإفطار.
وكل هذا في الأولاد الذين يطيقون الصيام، أما من كان بهم مرض أو صحتهم ضعيفة يزيدها الصوم ضعفًا فليس على الآباء والأمهات أن يأمروهم بالصيام، لكن لا ينبغي أيضًا أن ينهوهم عنه، بل يتركونهم يجربون ذلك بأنفسهم، فإن أطاقوا استمروا، وإلا فإنهم سيتركونه اختيارهم. وعلى الآباء والأمهات أن يمدحوا في أولادهم عزمهم على الصيام وأن يبينوا لهم حكمة تشريعه بلباقة وكياسة، وسيكون استمرارهم في هذه التجربة أو عدولهم عنها باقتناع، وهذا منهج تربوي سليم .[/center]