مجنونة ابوتريكة عضو ملكي
عدد الرسائل : 3483 العمر : 31 المكان : فى اى حتة اللاعب المفضل : ابوتريكة ناديك المفضل : الاهلى نقاط : 346 السٌّمعَة : 3 تاريخ التسجيل : 06/02/2007
نقاط العضو تقاط التمييز: 134
| موضوع: الصراع الإقليمي بين النظام والإخوان الإثنين 3 أغسطس - 23:52 | |
| د.رفيق حبيب تتطور الأحداث في المنطقة العربية والإسلامية، دون أن يكون هناك طرف متحكم في مسارها. فكل الأطراف تحاول أن تدفع الإقليم في الاتجاه الذي تريده، لكن حركة التطورات في الإقليم لا تستجيب لسياسات طرف معين. فهي تتحرك بناء علي نتاج التفاعل بين مختلف الأطراف، وبصورة لا تحقق لطرف معين أي تطور في صالحه. فما يحدث في الإقليم العربي والإسلامي، هو شكل من التمادي في المواجهة نحو حرب أو مواجهة مفتوحة، ليس لها قواعد معينة، ولا تحكمها أي قوي منفردة. وهي مواجهة تقترب من حالة عدم الحسم، أي عدم قدرة أي طرف علي حسم المواجهات لصالحه.
علي هذه الخلفية، أصبح الوضع الإقليمي هو الأكثر تأثيرا في مجريات الأمور، من الأوضاع المحلية. فلم تعد أي ساحة محلية قادرة علي عزل نفسها عن مجريات ما يحدث في الإقليم. بل إن الأوضاع الداخلية باتت تتأثر بما يحدث في الإقليم، وكأن كل ما يحدث في الإقليم العربي والإسلامي، بات شأنا عاما وخاصا في وقت واحد، أي بات شأنا إقليميا ومحليا في الوقت نفسه. فما يحدث في إيران أو لبنان أو فلسطين أو العراق وغيرها، أصبح من ضمن العوامل المؤثرة في الأوضاع الداخلية في مصر. وكأن التركيبة الاجتماعية والسياسية في مصر، باتت تتأثر بكل ما يحدث حولها، كما أن العلاقة بين النظام الحاكم في مصر والقوي السياسية المعارضة له، باتت جزءا من العلاقات بين النظام الحاكم والقوي الإقليمية، وباتت تتأثر بما يجري من أحداث في كل الإقليم العربي والإسلامي. ذلك الترابط حدث لعدة أسباب، لكن من أهمها أن كل الأنظمة باتت تراهن علي قدرتها علي حسم ما يحدث في الإقليم من مواجهات لصالحها. فالنظام المصري له تصور عن كيفية حسم الأوضاع في فلسطين، من خلال السيطرة الكاملة علي مجريات الأمور في الشأن الفلسطيني، ودفعها نحو الدخول في نفق مفاوضات التسوية مع الكيان الصهيوني. لذا يصبح ما يحدث في لبنان مؤثرا في ما يريده النظام، وأيضا يصبح كل ما يحدث في إيران له تأثيره، وهكذا. وهذا الموقف من النظام المصري الحاكم له دلالة مهمة، فهو يعني أن استقرار الحكم للنخبة الحاكمة في مصر، لن يتحقق إلا في ظل أوضاع إقليمية مساندة لذلك. ويبدو أن الوضع الدولي لم يعد كافيا في حد ذاته، فالدعم الغربي والأمريكي للنظام الحاكم في مصر، لم يعد سببا كافيا لضمان أمن النظام الحاكم، لأن ما يحدث في الإقليم من توترات ومواجهات باتت تؤثر في أمن النظام الحاكم، مما يجعل عدم استقرار الإقليم سببا في عدم استقرار الحكم في مصر. وبهذا تحولت دفة الأحداث نحو الوضع الإقليمي، ليتراجع التأثير المباشر للوضع الدولي والمحلي نسبيا، لصالح تأثير الوضع الإقليمي.
هذا الوضع يعد في الحقيقة صناعة أمريكية، تدفع ثمنها كل الأطراف بما فيها الطرف الأمريكي. فقد كثفت أمريكا من وجودها وتأثيرها في الإقليم العربي الإسلامي، بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، لحد جعل الطرف الأمريكي حاضرا في كل مشكلات ومواجهات المنطقة. وبسبب كثرة التداخلات، وتتابع الحروب، أصبحت المنطقة مفتوحة علي الصراعات والمواجهات المتتالية. فالحرب الأمريكية علي أفغانستان ثم علي العراق، والحرب الإسرائيلية علي لبنان، ثم علي قطاع غزة، وبعدها الحرب الأمريكية في باكستان، كلها مثلت سلسلة من الحروب المتتالية تمت في غضون ثماني سنوات، مما جعل المنطقة تتفكك وتدخل في مرحلة اضطراب واسع. صحيح أن الإدارة الأمريكية تكلمت عن تشكيل شرق أوسط جديد، وتصورت أن هذا يحتاج إلي قدر من الفوضي حتي يمكن تحقيقه، لكن النتيجة النهائية لم تكن شرق أوسط جديد، بل كانت مزيدا من الفوضي التي فقدت كل الأطراف السيطرة عليها. هذه الخلفية كافية لإعادة فهم العلاقة بين النظام المصري الحاكم وجماعة الإخوان المسلمين. فالوضع بين النظام والجماعة لم يعد ينحصر في ما تمثله الجماعة بوصفها الحركة الاجتماعية والسياسية الأكبر في مصر، وأنها القوي المعارضة الأكبر، بل تجاوزت هذا الحد. فجماعة الإخوان المسلمين تمثل تيارا ومدرسة منتشرة في معظم الدول العربية والإسلامية، بما يعني أن لها حضورا إقليميا واسعا. صحيح أن هذا الحضور موجود منذ عقود، لكن أهمية هذا الوجود وتأثيره اتضحت عندما دخل الإقليم العربي والإسلامي في مرحلة المواجهات المفتوحة. فالجماعة حاضرة في العراق ولبنان وفلسطين، وأيضا في أفغانستان، كما أنها حاضرة في إيران، وحاضرة في الأردن ومصر. وهي بهذا لها حضور إقليمي واضح، وهي موجودة في كل مناطق التوتر والصراع المركزية، ولها دور في مختلف الأحداث الجارية في الإقليم العربي والإسلامي، وإن كان بدرجات مختلفة. فدور الإخوان في أفغانستان أقل من دورهم في العراق، ودورهم في لبنان أقل من دورهم في فلسطين. لكن تواجدهم في حد ذاته، جعلهم طرفا في كل ملفات الإقليم الساخنة. هنا ظهر جليا أن المواجهة بين النظام الحاكم وجماعة الإخوان المسلمين، لم تعد مواجهة محلية فقط، تتعلق بدور الجماعة السياسي، أو موقف النظام منها بوصفها بديلا محتملا عنه، لكن الأمر خرج عن هذا الإطار، حيث أصبحت جماعة الإخوان المسلمين، طرفا مهما في كل الملفات التي يحاول النظام المصري الحاكم التدخل فيها، لضمان أمن النظام وبقائه. وكما قلنا فإن أمن النظام لن يتحقق محليا في الظروف الحالية، بل سيتحقق في الأساس إقليميا، مما يعني أن ترتيب الإقليم لصالح ما يسمي بمحور الاعتدال العربي، وهو المحور العربي الأمريكي، يتطلب ترتيب المنطقة بصورة تناسب تأمين بقاء الأنظمة الحاكمة ومنها النظام المصري. وهو ما يدخل النظام المصري كطرف يتأثر بكل ما يحدث في الإقليم، فيحاول أن يدفع في اتجاه ترتيبات تؤمن بقاءه في الحكم. ويظهر هنا الملف الفلسطيني، بوصفه من أهم الملفات المؤثرة النظام الحاكم. وفي هذا الملف علي وجه الخصوص، نجد دورا مهما لتيار الإخوان المسلمين ممثلا في حركة المقاومة الإسلامية حماس، وأيضا نجد دورا مؤثرا لكل جماعات الإخوان المسلمين، ومعها العديد من الحركات الإسلامية، بوصفها الداعم الرئيسي لحركات المقاومة الإسلامية. ويضاف لهذا، البعد الإقليمي وتحالفاته التي تساند جبهة المقاومة والممانعة، وأيضا يضاف لذلك دور جماعة الإخوان المسلمين في تقديم الدعم لفلسطين ولحركة حماس، من خلال الدعم المعنوي والمادي، وهو ما يجعل جماعة الإخوان في مصر ظهيرا قويا لصالح حركة المقاومة الإسلامية حماس، وفي الوقت نفسه سندا مهما لكل حركات المقاومة. فحتي في العراق، حيث تشترك الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في العملية السياسية، فإن الجماعة نفسها منخرطة في العمل المقاوم، من خلال أجنحة أخري. ودور جماعات الإخوان المسلمين في مجمله، يدفع من أجل دعم المقاومة في وجه الاحتلال، والبعد عن التسوية والتنازلات، وبالتالي نري مدي التعارض بين الأجندة الإقليمية لجماعات الإخوان المسلمين، والأجندة الإقليمية للنظام المصري الحاكم. وهذا التعارض جعل الطرفان في حرب أو مواجهة مفتوحة، تبدأ محلية وتمتد إقليميا. ومن هنا نفهم توسع ما سمي بقضية التنظيم الدولي، لتشمل أسماء عربية وإسلامية مهمة، فالنظام يحاول مواجهة الدور الإقليمي لجماعة الإخوان. | |
|