لك الله يافلسطين

ممدوح إسماعيل

منذ أيام زلزل فاروق القدومي
القائد الفتحاوي الكبير الأرض تحت أقدام أبومازن رئيس السلطة الفلسطينية
ودحلان بإعلانه في 12 يوليو عن حيازته لوثيقة محضر اجتماع سلمه له ياسر
عرفات قبل موته وقد ضم هذا الاجتماع الذي تم في اوائل مارس 2004 كلا من
شارون وموفاز من العدو الصهيوني وأبومازن ودحلان من الجانب الفلسطيني
بخلاف وجود طرف أمريكي هو وليم بيرنز.

وأخطر ما في الوثيقة والذي
يعد بؤرة الزلزال فيها أن الاجتماع ناقش اغتيال عرفات بالسم وقيادات
فلسطينية أخري أبرزهم الشهيد الحمساوي الرنتيسي وقيادات فلسطينية مقاومة.

وهنا
انطلق زلزال الوثيقة يزلزل مصداقية السلطة الفلسطينية ويفجر جدلاً رهيباً
حول اغتيال ياسر عرفات والخونة والخائنين في قيادة السلطة.

الحقيقة أن قوة زلزال وثيقة القدومي تنبع من تاريخ
الرجل فهو معروف بنزاهته السياسية واستقامته في طريق الكفاح والمقاومة من
أجل فلسطين بخلاف مركزه السياسي فهو رئيس الدائرة السياسية لمنظمة التحرير
منذ 36 عاما.

من الواضح أن الوثيقة فرضت نفسها علي الواقع
الفلسطيني وبدأ الجدل حول حقيقة صحتها يفرض نفسه من خلال الوقائع التي
منها أن كل الدلائل تشير إلي أن عرفات مات مسموماً والسؤال الذي فرض نفسه
أن العدو الصهيوني بلاشك هو من اغتياله لكن من أدخل السم إلي رام الله
وسمم عرفات؟.

وإجابة السؤال تتردد في كل مكان أن ابومازن رفض
تشريح جثة عرفات لماذا؟ ثم أن الوقائع علي الأرض تشهد وجود مؤامرة لتصفية
قادة المقاومة وهو ماتؤكده الوثيقة خاصة أن حماس والجهاد منذ سنوات اتهمت
السلطة بالتعاون مع الاحتلال في تصفية قادة المقاومة.

الحديث عن
الخيانة في فلسطين حديث قديم ذو شجون بدأ منذ أن وضع اليهود أقدامهم علي
أرض فلسطين في مطلع القرن العشرين بغية التمهيد لاحتلال فلسطين .

ومن خان فلسطين ليس يهودياً إنما هو عربي باع الحق والمقدسات والأرض
والدماء والأعراض من أجل كرسي ومنصب زائل هو وهو لا محالة وعندما نقلب
صفحات التاريخ نجد صفحات سوداء لخيانة فلسطين علي سبيل المثال فقد نشرت
جريدة «أخبار اليوم المصرية» بالعدد 280 الصادر بتاريخ 18/3/1950 خمس
وثائق خطيرة بخط ملك عربي(ملك الأردن ) وبخط كبار رجال حكومة الاحتلال
الإسرائيلية تثبت أن الملك كان علي اتصال باليهود طيلة مدة حرب فلسطين
وبعدها وقد نشرت المطبعة السلفية بالقاهرة مجموع تلك الوثائق تحت عنوان
وثائق خطيرة عن اتصال حاكم عربي باليهود قبل حرب فلسطين عام 1948 ودلت تلك
الوثائق علي إتصال الملك الذي كان قائداً أعلي للجيوش العربية واعترافه
بإسرائيل، في الوقت الذي كان يقتل فيه الآلاف من أبناء العرب المسلمين
برصاص اليهود وتضمنت مفاوضاته تسليم مناطق كثيرة في فلسطين لليهود والتعهد
بوقف الحرب ومنع الجهات الأخري من القتال.

وليس عجيباً أو غريباً
أن تمضي السنوات وتذيع إحدي القنوات الفضائية مشاهد لحاكم عربي وهو يهبط
مطار بن جوردن قبل حرب 1973 بساعات ليبلغ جولدا مائير بقرار الحرب ضد
اسرائيل وتمضي قضية فلسطين بأحداث واتهامات بالخيانة متعددة في لبنان
وسوريا والأردن ما بين اتهامات لحكومات عربية بتصفية الفلسطينيين في صبرا
وشاتيلا وايلول الاسود وتل الزعتر وبين اتهامات للفلسطينيين أنفسهم وكانت
علاقة تونس والمغرب بدولة الاحتلال سراً حتي جاء السادات وأزال جدار
التعمية والاستحياء بزيارته الصدمة للقدس ثم تلا ذلك بكامب ديفيد فارتفعت
الأصوات بالإتهام بالخيانة.

ويبقي أن الذين خانوا فلسطين هم
الذين شاركوا في مؤامرة اغتيال قادة المقاومة والجهاد من فتحي الشقاقي
ويحيي عياش حتي أحمد ياسين والرنتيسي ليخلو لهم المكان والأرض والزمان
لتضييع حقوق الفلسطينيين وتضييع فلسطين والقدس والأقصي والأن الكثيرون في
فلسطين والدول العربية يقدمون القرابين بخيانة فلسطين ليرضي عنهم سيدهم في
البيت الأسود.

وأخيراً حتي لانيأس نتذكر صورة مشرفة ً وذلك عندما
قام اليهود بمحاولة خسيسة مع السلطان عبد الحميد فأوفدوا اليه الثري
اليهودي قره صو لمقابلته وفي المقابلة قال قره صو للسلطان ( إني قادم
مندوباً عن الجمعية الماسونية لتكليف جلالتكم بأن تقبلوا خمسين مليون ليرة
ذهبية هدية لخزينتكم الخاصة ومائة مليون كقرض لخزينة الدولة بلا فائدة
لمدة مائة سنة علي أن تسمحوا لنا ببعض الإمتيازات في فلسطين فلم يتم قره
صو كلامه حتي نظر السلطان عبدالحميد إلي مرافقه بغضب وقال له هل كنت تعلم
ماذا يريد هذا الخنزير فإرتمي المرافق علي قدمي السلطان مقسماً بعدم علمه
فإلتفت السلطان إلي قره صو وقال له اخرج من وجهي يا سافل ) فأرسل اليه قره
صو برقية تضمنت أن رفضك سيكلفك مملكتك وأنت شخصياً فلم يهتز السلطان
عبدالحميد ولقد حاول اليهود مرة ثانية عن طريق هرتزل اليهودي الذي حاول
رشوة السلطان مقابل امتيازات لليهود في فلسطين فرفض السلطان في إباء وشموخ
وعزة وكبرياء ندر أن نجدها في هذا الزمان ولقد كتب هرتزل - الموقف في
مذكراته فقال ( ونصحني السلطان عبدالحميد أن لا أتخذ أي خطوة أخري في هذا
السبيل لأنه لا يستطيع أن يتخلي عن شبر واحد من أرض فلسطين إذ هي ليست
ملكاً له بل هي لأمته الإسلامية التي قاتلت من أجلها وروت التربة بدماء
أبنائها.

وقد رد السلطان عبد الحميد علي اليهود بالجواب القطعي الاتي :-

إنكم لو دفعتم ملء الدنياذهباً فلن أقبل بتكليفكم هذا بوجه قطعي فقد خدمت
الأمة الإسلامية والأمة المحمدية ما يزيد علي ثلاثين سنة فلم أسود صحائف
المسلمين آبائي وأجدادي من السلاطين والخفاء العثمانيين لهذا لن أقبل
بتكليفكم بوجه قطعي أبداً ) وبعد جوابي القطعي اتفقوا علي خلعي وأبلغوني
أنهم سيبعدونني إلي سلانيك فقبلت بهذا التكليف الأخير هذا وحمدت المولي
وأحمده انني لم أقبل أن ألطخ الدولة العثمانية والعالم الاسلامي بهذا
العار الأبدي الناشيء عن تكليفهم بإقامة دولة يهودية في الأراضي المقدسة
فلسطين ... انتهي كلام السلطان عبدالحميد بموقف مشرف عظيم سطره التاريخ
بحروف من ذهب.

ولكن مهما كانت الخيانة وآثارها فالمقاومة هي المنتصرة بإذن الله لأنها حق وطريقها حق وأهدافها حق والحق ناصر أهل الحق.