| سلسلة حياة الرسول صلي الله عليه وسلم ( ارجو التثبيت ) | |
|
+3محمد القاوى محمد ابوعوف afw 7 مشترك |
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
afw
افضل كاتب عدد الرسائل : 13565 العمر : 40 المكان : مصر اللاعب المفضل : ابو تريكه و بركات ومتعب ناديك المفضل : الاهلى الالقاب : منــ المقهى ــظم ومنظم المسابقة الدينية نقاط : 2464 السٌّمعَة : 5 تاريخ التسجيل : 28/01/2007 نقاط العضوتقاط التمييز: 1208 | موضوع: رد: سلسلة حياة الرسول صلي الله عليه وسلم ( ارجو التثبيت ) السبت 5 يوليو - 13:17 | |
| 70-غزوة حنين
لما سمعت هوزان برسول الله صلى الله عليه وسلم وما فتح الله عليه من مكة راعهم انتصار المسلمين، وكانت هوازن قوة كبيرة بعد قريش فلم تخضع لما خضعت له قريش واردات أن يكون لها الفضل فى التصدي لقتال المسلمين واستئصال شأفتهم.
فيقال إن هوازن استطاعت ما لم تستطعه قريش وكان قبائل هوازن تقع على بعد بضعة عشر ميلا من مكة من جهة عرفات وقام مالك بن عوف النضري – سيد هوازن – فنادى بحرب الرسول صلى الله عليه وسلم واجتمع إليه مع هوازان ثقيف كلها ونصر وحثم كلها وسعد بن بكر وناس من هلال- تبعد عن مكة 120 كم وأهم مدنها الطائف - وسعد بن بكر بجوارها وهما في الجنوب الشرقي من مكة.
واجمعوا السير إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وبلغ من عنادهم وتحديهم أنهم جمعوا أموالهم ونساءهم وأبناءهم وأنعامهم فى مؤخرة الجيش عند (اوطاس) ليكون ذلك حافزا لهم على الثبات والاستماتة في القتال.
وذهب إلى دريد بن الصمة وكان شيخا كبيرا مجربا مشهوراً بأصالة الرأي والحكمة فيهم يسألونه الرأي والمشورة فلما سمع دريد رغاء البعير وثغاء الشاه وبكاء الصغير سأل عن سبب خروج المقاتلين ومعهم أموالهم وأبناءهم ونساءهم فقال له مالك بن عوف قائدهم أردت أن أجعل خلف كل رجل منهم أهله وماله ليقاتل عنهم فزجره دريد وأخبره أنه لا يرد المنهزم شئ وقال له إن كانت الحرب لك لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه وإن كانت عليك فضحت فى أهلك ومالك ولم يأبه مالك بن عوف لقول دريد ومشورته وقال مالك للناس: إذا رأيتم المسلمين فاكسروا جفون سيوفكم ثم شدوا شدة رجل واحد.
وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خبرة هذه الاستعدادات فقرر على الفور أن يبدأ بمهاجمتهم وخرج إليهم من مكة يوم السبت 6 شوال سنة ثمان من الهجرة على رأس جيش يبلغ عدده اثني عشر ألفا من بينهم ألفان من أهل مكة ومنهم من هو حديث العهد بالإسلام ومنهم من لم يسلم – واستعار رسول الله من صفوان ابن أمية أدرعا وسلاحا وهو يومئذ مشرك.
ومضى رسول الله بجيشه الكبير يريد لقاء هوازن ونظر بعض المسلمين فوجد أن عدد الجيش كبيراً لم يبلغه فى غزوة قبل ذلك فقالوا: لن نغلب اليوم عن قلة.
وكانت هوازن وأحلافها قد رسموا خطتهم على الاستفادة من طبيعة البلاد فعسكروا فى وادي حنين وكمنوا لهم فى شعابه وأمنائه ومضايقه بحيث لا يراهم الداخل إلى الوادي وقد أجمعوا وتهيئوا واستعدوا وربضوا فى أماكنهم طوال الليل فى انتظار مرور جيش المسلمين إلى حنين وكان على المسلمين ليذهبوا إليهم أن يجتازوا هذه المضايق والأنحاء والشعاب.
وسار جيش المسلمين حتى أقترب من مدخل وادي حنين فتقدم المسلمون إلى مدخله وهم ينحدرون فيه انحدارا فى ظلام الصبح ففاجأهم كمين العدو الذي كان مستتراً في شعاب الوادي ومضايقة ورشقوهم بالنبال وأصلتوا عليهم السيوف وشدوا عليهم شدة رجل واحد.
فانزعج المسلمون لهول المفاجأة وانتشر عامة الناس راجعين لا يلوى منهم أحد على أحد وضاق عليهم المهرب فارتطموا في الظلام بما وراءهم من الصفوف فاختلط الحابل بالنابل ولجأ أكثرهم إلى الفرار.
ولما رأى من كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من مسلمة الفتح والذين لما يدخل الإيمان في قلوبهم هذه الهزيمة شمت بعضهم وتكلم رجال منهم بما فى أنفسهم من الضغن فقال أبو سفيان: ولا ينتهي هزيمتهم دون البحر. وقال آخر: ألا بطل السحر اليوم.
وحاول شيبة بن طلعة قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهب إليه ليقتله ولكن الله لم يمكنه منه وناداه الرسول فمسح صدره ثم قال: اللهم أعذه من الشيطان.
يقول شيبة: فوالله لقد كان ساعتئذ أحب إلى من سمعي وبصري ونفسي وأذهب الله ما كان فى نفسي.
اما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد ثبت مع قلة من أصحابه لا يتزحزح وأخذ يحاول جاهدا جمع قواته المبعثرة وهو يقول:
أنا ابن عبد المطلب أنا النبي لا كذب هلموا إلى أيها الناس أنا رسول الله أنا محمد بن عبد الله
وجعل العباس ينادي يا معشر الأنصار يا أصحاب الشجرة – يعنى شجرة الرضوان – فأجابوا لبيك وكان رجلا صيتا قال فيذهب الرجل ليأتي بعيره فلا يقدر على ذلك يمنعه كثرة الأعراب المهزومين فيأخذ درعه فيقذفها في عنقه ويأخذ سيفه وقوسه وترسه ويقتحم عن بعيره ويخلى سبيله ويؤم الصوت حتى ينتهي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا اجتمع إليه منهم طائفة قام الرسول بهجوم مضاد فاقتتلوا قتالاً عنيفاً ونظر الرسول إلى هذا القتال الضاري فقال: الآن حمي الوطيس ثم اخذ رسول الله حصيات فرمى بها وجوه الكفار ثم قال: انهزموا ورب محمد فما هو إلا أن رماهم يقول العباس فمازلت أرى جندهم كليلا وأمرهم مدبراً.
وأنزل الله تبارك وتعالى ملائكته بالنصر فامتلأ بهم الودي وتمت هزيمة هوازن وذلك قوله تعالى: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ {25} ثُمَّ أَنَزلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ}... سورة التوبة-آية 25-26.
وغنم المسلمون في الغزوة غنائم كبيرة كانت أعظم غنيمة حصل عليها المسلمون إلي هذا الوقت فقد بلغ ما جمعه المسلمون كما يروي ستة آلاف من الذرارى والنساء، والإبل أربعة وعشرون ألفا، والغنم أكثر من أربعين ألف شاه، وأربعة آلاف أوقية من الفضة.
وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن ترسل هذا الغنائم إلى (الجعرانة) فحبست بها حيث بقيت بها إلى أن عاد الرسول من حصار الطائف كما سنذكر فى الصفحات التالية، ويمكننا أن نقول أن غزوة حنين وهزيمة هوازن كانت آخر مقاومة كبيرة قاومها العرب للرسول والمسلمين وشرح الله صدورهم للدخول فى الإسلام بعد ذلك كما سنرى.
71-غزوة الطائف
كان مالك بن عوف الذي قاد الجموع إلى حنين سار بعد الهزيمة مع ثقيف إلى الطائف، وأغلقوا عليهم أبواب مدينتهم ودخلوا حصنهم المنيع بعد أن جمعوا فيه من المؤن والذخيرة ما يكفيهم لمدة عام، فسار الرسول إليهم ومضى حتى نزل قريبا من الطائف وضرب المسلمون حولهم الحصار وقذفوا حصنهم بالمنجنيق لأول مرة واستمر حصارهم كما ذكر ابن إسحق بضعا وعشرين ليلة قاتلوا فيها قتالا شديد وتراموا بالنبل.
ولما ضاق الحصار وطالت الحرب أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطع الأعناب والنخيل لثقيف، وهى مما يعتمدون علية في معاشهم ووقع المسلمين فيها يقطعون علهم يخرجون للدفاع أو طلب الصلح لكنهم سألوا الرسول أن يدعها لله والرحم فقال فإني أدعها لله والرحم.
وفى أحد الأيام استشار رسول الله صلى الله عليه وسلم نوفل بن معاوية الديلي وقال: يا نوفل ما ترى فى المقام عليهم؟
فقال: يا رسول الله ثعلب فى جحر إن أقمت علية أخذته وأن تركته لم يضرك.
ورفع النبي صلى الله عليه وسلم عنهم الحصار وقرر العودة دون أن يفتح الطائف فلما ارتحلوا قال لهم الرسول قولوا: آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون وفى أثناء الرجوع طلب بعض الصحابة من الرسول أن يدعو على ثقيف فقال: اللهم أهد ثقيفاً وأت بهم مسلمين.
وسار الرسول بجيشه حتى نزل الجعرانه (حيث كان قد ترك الغنائم والسبي الذي حازه من هوازن وحلفائها) وتأنى بها بضعة عشر يوما ليرجع إليه هوازن ومن حالفهم تائبين فيرد عليهم غنائمهم فلم يجئه أحد فشرع يقسمها ليسكت هؤلاء المتطلعين الذين ازدحموا على رسول الله يقول: يا رسول الله أقسم علينا فيأنا، حتى الجئوه إلى شجرة فاختطف منة رداءه فقال: أيها الناس ردوا على ردائي فوالله لو كان لكم بعدد شجر تهامة نعماً لقسمته عليكم ثم ما لقيتموني بخيلاً ولا جباناً ولا كذاباً ثم قال إلى جنب بعير فأخذ من سنامه وبره فجعلها بين إصبعيه ثم رفعها فقال: أيها الناس والله مالي من فيئكم ولا هذه الوبرة إلا الخمس والخمس مردود عليكم.
وأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤلفة قلوبهم وكانوا من أشراف قريش وبعض القبائل الأخرى يتألفهم ويتألف بهم قومهم فأعطى أبا سفيان أبن حرب مائة بعير وأعطى ابنة معاوية مائة أخرى وأعطى حكيم بن حزام مائة... إلخ وأعطى عباس بن مرداس بعض الإبل فسخطها وعاتب فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال فى ذلك شعرا فأعطاه الرسول حتى رضي ولم يعط الرسول من هذه الغنائم للأنصار ولا كبار المهاجرين ووكلهم إلى إسلامهم.
موقف الأنصار
ولما أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم من تلك العطايا فى قريش وفى قبائل العرب ولم يكن فى الأنصار منها شئ وجد هذا الحي من الأنصار فى أنفسهم حتى كثرت منهم القاله، حتى قال قائلهم: قد لقي والله رسول الله قومه.
فذهب سعد بن عباده إلى رسول الله فقال: يا رسول الله إن هذا الحي من الأنصار قد وجدوا عليك فى أنفسهم لما صنعت فى هذا الفيء الذي أصبت قسمت فى قومك وأعطيت عطايا عظيمة فى قبائل العرب ولم يك هذا الحي من الأنصار منها شئ
فقال الرسول: فأين أنت من ذلك يا سعد؟ قال: يا رسول الله ما أنا إلا من قومي قال: فأجمع لي قومك في هذه الحظيرة فخرج سعد فجمع الأنصار وقال: يا رسول الله لك هذا الحي من الأنصار فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله و أثنى عليه بما هو أهله ثم خطب الأنصار قائلا: يا معشر الأنصار ألم آتكم ضلالا فهداكم الله وعالة فأغناكم الله وأعداء فألف الله بين قلوبكم؟؟ قالوا: بلى الله ورسوله آمن وأفضل قال: ألا تجيبون يا معشر الأنصار؟؟ قالوا: بماذا نجيبك يا رسول الله لله و لرسوله المن والفضل
قال: أما والله لو شئتم لقلتم يا معشر الأنصار فى أنفسكم فى لعاعة (شجرة خضراء شبه بها نعيم الدنيا) من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا ووكلتكم إسلامكم؟ ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير وترجعون برسول الله إلى رحالكم؟؟ فوالذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار ولو سلك الناس شعباً وسلكت الأنصار شعب لسلكت شعب الأنصار اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار، فبكى القوم حتى أحضلوا (بللوا) لحاهم وقالوا رضينا برسول الله قسما وحظا.
الرسول يرد السبايا إلى هوازن
وأتى وفد هوازن إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقد أسلموا وسألوا رسول الله أن يرد عليهم سبيهم وثروتهم.
فقالوا: يا رسول الله إنا أهل وعشيرة وقد أصابنا من البلاء ما لم يخف عليك فامنن علينا من الله عليك. وقال أحدهم: يا رسول الله إنما فى الحظائر عماتك وخالاتك وحواضنك اللاتي كن يكفلنك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبناؤكم ونساؤكم أحب إليكم أم أموالكم؟؟. فقالوا: يا رسول الله خيرتنا بين أموالنا وأحسابنا- بل نرد إلينا نساءنا وأبناءنا فهو أحب إلينا. فقال: أما ما كان لي ولبنى عبد المطلب فهو لكم وإذا ما أنا صليت الظهر بالناس فقوموا فقولوا إنا نستشفع برسول الله إلى المسلمين وبالمسلمين إلى رسول الله فى أبنائنا ونسائنا فأعطيكم عند ذلك وأسأل لكم.
فلما صلى رسول الله بالناس الظهر قاموا فتكلموا بالذي أمرهم به فقال رسول الله: أما ما كان لي ولبنى عبد المطلب فهو لكم و قال المهاجرون: ما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت الأنصار: وما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم، و أبى ثلاثة من بنى تميم وبنى فزارة أن يتنازلوا عن سبيهم.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هؤلاء القوم قد جاءوا مسلمين وقد كنت استأنيت بهم وقد خيرتهم فلم يعدلوا بالأبناء والنساء شيئا فمن كان عنده منهن شيء فطابت نفسه بأن يرده فسبيل ذلك ومن أحب أن يستمسك بحقه فليرد عليهم وله فريضة ست فرائض من أول ما يفئ الله علينا.
فردوا عليهم نساءهم وأبناءهم ولم يتخلف منهم أحد وسأل رسول الله الوفد عن مالك بن عوف فأخبرهم أنه بالطائف مع ثقيف فقال أخبروه أنه إن أتاني مسلما رددت عليه أهله وماله وأعطيته مائة من الإبل، وعلم مالك بن عوف بذلك فخرج من الطائف سراً وأدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجعرانة أو بمكة فرد علية أهله وماله وأعطاه مائة من الإبل وأسلم فحسن إسلامه فأستعمله رسول الله على من أسلم من قومه من القبائل التي حول الطائف.
الشيماء أخت الرسول
وكان من ضمن السبايا الشيماء بنت حليمة السعدية أخت رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة، واعنفوا عليها فى السوق وهم لا يدرون فقالت للمسلمين: أتعلمون والله إنني لأخت صاحبكم من الرضاعة فلم يصدقوها حتى أتوا بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولما انتهت الشيماء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت يا رسول الله: إنس أختك من الرضاعة. قال: وما علامة ذلك؟ قالت: عضة عضضتها فى ظهري وأنا متوركتك-يعنى حاملتك على ورك.
وعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم العلامة فسر بها وأدناها منة وبسط لها رداءه وأجلسها عليه ثم خيرها بين الإقامة معه أو العودة إلى قومها فرأت أن تعود إلى قومها فأجابها لذلك وأعطها ثلاثة أعبد وجارية ونعما وشاة- هذا ولا يفوتنا أن نذكر أن الشيماء قد أسلمت. | |
|
| |
afw
افضل كاتب عدد الرسائل : 13565 العمر : 40 المكان : مصر اللاعب المفضل : ابو تريكه و بركات ومتعب ناديك المفضل : الاهلى الالقاب : منــ المقهى ــظم ومنظم المسابقة الدينية نقاط : 2464 السٌّمعَة : 5 تاريخ التسجيل : 28/01/2007 نقاط العضوتقاط التمييز: 1208 | موضوع: رد: سلسلة حياة الرسول صلي الله عليه وسلم ( ارجو التثبيت ) السبت 5 يوليو - 13:20 | |
| 72-عمرة الجرانه
ولما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة حنين وقسمت المغانم فى الجعرانة وهى ميقات أهل الطائف أحرم منها الرسول للعمرة واعتمر ثم قفل راجعا إلى المدينة وذلك فى شهر ذي القعدة سنة ثمان. واستخلف الرسول على مكة عناب بن أسيد كما خلف معه الصحابي الجليل معاذ بن جبل ليعلم الناس الإسلام ويفقهم في الدين. 73-غزوة تبوك لم يكون فتح مكة وما حولها والنشاط العسكري في الجنوب صادا للنبي صلى الله عليه وسلم عن التفكير فى مناطق الشمال والخطر الذي يتهدد الدعوة من ناحية الروم فإن الروم كانوا يبيتون نية الشر والعداء للإسلام، وكانت انتصارات المسلمين المتلاحقة وتوطيد سلطانهم فى الجزيرة العرب حافز لإمبراطور الروم (هرقل) على أن يعد العدة لضرب الإسلام ضربة تجهز علية وتمنعه من الوصول إلى العرب الخاضعين لنفوذهم شمال شبة الجزيرة. وترامت إلى النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة أنباء هذه المؤامرة الحاقدة أن الإمبراطور الروماني هرقل سلح جميع القبائل التابعة له على الحدود الشام مثل لخم وجذام وعاملة وغسان تسليحا كاملا ورزقهم لمدة سنة وجاءت مقدمتهم إلى البلقاء. ولما بلغ الرسول خبر هذا التأهب لم يجد بدا من استنفار المسلمين لملاقاة هذا العدوان المبيت والخروج لمواجهتهم فى عقر دارهم ووجد الرسول صلى الله عليه وسلم أن هذه الحملة فرصة لكي يعيد الأمور إلى نصابها ويرسى العلائق بين الإسلام والنصرانية على دعائم مكينة مبناها إتاحة الفرصة لعرض الإسلام على الناس عرضا حرا قائما على الإقناع والدعوة الحسنة فإن راقهم دخلوه وإن ساءهم تركوه، بعيدا عن إرهاب الكنيسة ومقاومتها الباطشة لكل من اعتنق دينا يخالف دين المسيحية كذلك أراد الرسول أن يفهم الرومان قوة المسلمين الجديدة وأن يعطهم درسا فى احترامهم والنظر إليهم بعين الهيبة والتقدير وأنهم ليسوا لقمة سائغة كما يظنون وإلا لما خرج المسلمون بجيوشهم لملاقاة الرومان متحدين غير عابئين بعددهم أو عدتهم. وكان خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الجيش فى شهر رجب سنة تسع من الهجرة، وجاء إعداد جيش تبوك في وقت حر شديد حتى كان المسلمين ينحرون البعير فيتشربون ما فى كرشة من الماء، وكذلك فى زمان من عسرة الناس وجدب البلاد، وحين أوشكت الثمار أن تنضج والقوم يحبون المقام فى ثمارهم وظلالهم ويكرهون الخروج للغزو فى ظل هذه الظروف. ولكل هذه الظروف التي اكتنفت إعداد هذا الجيش سمي (جيش العسرة) أي الشدة والضيق لأنه هناك عسرة فى الماء وفى الظهر وفى النفقة والآيات التي أنزلها الله فى كتابه هى أطول ما نزل فى قتال بين المسلمين وعدوهم وقد أعلم الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين بهدف هذه الغزوة على خلاف عادته في كثير من الغزوات السابقة ليتأهبوا ويستعدوا فالقتال مع الروم هو صدام بأعظم قوة وأكبر دولة فى العصر، هذا بالإضافة إلى ما ذكرناه من صعاب اكتنفت هذه الغزوة. ولهذا كانت هذه الغزوة مقياسا صادقا ومناسبة مواتية لكشف النوايا وإظهار النفوس وإبراز المواقف على حقيقتها دون ما غش أو خداع. فقد تعلل المنافقون من المسلمين بعلل شتى وظهر خلال التجهيز والاستعداد نماذج من النفاق كشفها الله لرسوله وفضح نواياها- فها هو الجد بن قيس يخاطبه الرسول قائلاً: يا جد هل لك العام فى جلاد بنى الأصفر (الروم) فقال: يا رسول الله أو تأذن لي ولا تفتني فوالله لقد عرف قومي ما من رجل بأشد عجبا بالنساء منى وأنى لأخشى إن رأيت نساء بنى الأصفر أن لا أصبر فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: قد أذنت لك وفية نزل: {وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ}... سورة التوبة-آية 49. وكره آخرون الخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خوفا من العدو وفرار من الحر الشديد و في ذلك يقول الله تعالى: {فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللّهِ وَكَرِهُواْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ}... سورة التوبة – آية81. أما أهل الإيمان الثابت والعقيدة القوية من أهل اليسار والغنى فقد تسابقوا فى البذل والإنفاق في إعداد هذا الجيش فهذا عثمان بن عفان رضى الله عنة أنفق نفقة عظيمة لم ينفق أحد مثلها حتى دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلاً: اللهم أرضى عن عثمان فإني عنه راض وجاء أبو بكر الصديق بكل ماله فقال الرسول: هل أبقيت لأهلك شيئا؟ فقال: أبقيت لهم الله ورسوله، وجاء عمر بن الخطاب بنصف ماله، وجاء عبد الرحمن بن عوف بمائتي أوقيه وجاء غيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ليقدم كل واحد منهم بمقدار ثرائه وغناه. وكان هناك آخرون غيرهم من أهل الإيمان الصادق ولكنهم فقراء لا يملكون شيئا من الزاد والراحلة جاءوا للرسول يطلبون إليه أن يحملهم معه ليجاهدوا بالنفس بعد أن عز عليهم جهادهم بالمال فاعتذر لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لعدم وجود ما يحملهم عليه فاشتد حزنهم على ذلك ولكن الله أسقط عنهم الحرج بقوله تعالى: {وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ}... سورة التوبة-92. وكان هناك أيضا هؤلاء الذين فترت أول الأمر هممهم فلما جد الجد وانطلق الجيش سرعان ما عادوا إلى صوابهم وراجعوا أنفسهم وخافوا عاقبة النكوص والتخلف عن رسول الله ومن هؤلاء أبو خيثمة. عاد يوما إلى أهله بعد مسير النبي وصحبه وذلك فى يوم حار فوجد امرأتين له في عريشين قد رشت كل واحدة منهما عريشها وبردت له فيه ماء وهيأت له فيه طعام. فلما دخل قام على باب العريش فنظر الى امرأتيه وما صنعتا له فاستيقظ ضمير الرجل وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الشمس والريح والحر وأبو خيثمة في ظل بارد وطعام مهيأ وامرأة حسناء؟ في ماله مقيم ما هذا بالنصف ثم قال والله لا أدخل عريش واحد منكما حتى الحق برسول الله صلى الله عليه وسلم فهيئا لي زادا ففعلتا ثم ارتحل فى طلب رسول الله حتى أدركه حين نزل بتبوك فقال له رسول الله خيراً ودعا له بخير. وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فى رجب سنة تسع وعلى الرغم من كثرة المعتذرين والمتخلفين فقد بلغ تعداد الجيش أكثر من ثلاثين ألفا ولذا كان أكبر جيش خرج به الرسول فى غزوة. وخلف الرسول على أهله على بن أبى طالب وقال به حين شكا إليه إرجاف المنافقين: أفلا ترضى يا علي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس نبى بعدى فرجع على إلى المدينة ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سفرة. ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بـ(الحجر) وهى ديار ثمود فأخبرهم الرسول أنها ديار المعتدين وقال صلى الله عليه وسلم: لا تدخلوا بيوت الذين ظلموا أنفسهم إلا وأنتم باكون خوفاً أن يصيبكم ما أصابهم، وقال: لا تشربوا من مائها شيئا ولا تتوضئوا منه للصلاة وما كان من عجين عجنتموه فاعلفوه الإبل ولا تأكلوا منه شيئا ولا يخرجن أحد منكم إلا ومعه صاحب له. وواصل الرسول سيرة متحملا مشقة السفر وقلة الزاد والماء والرواحل صابرا على إرجاف المنافقين وتشكيكهم حتى لقد قالوا للمسلمين أتحسبون جلاء بني الأصفر كقتال العرب بعضهم بعضا؟ والله لكأنا بكم غدا مقرنين فى الحبال. حتى وصل به المطاف إلى "تبوك" على حدود الإمبراطورية الرومانية فأناخ الجيش رواحله وعسكر فيها ينتظرون عندها ملاقاة الأعداء. ويبدو أن الروم لما بلغهم أمر جيش المسلمين وقوته وما عرفوه عن المسلمين فى مؤتة من البسالة والإقدام آثروا الانسحاب من تبوك إلى داخل بلاد الشام للاحتماء بحصونها فلم يجد المسلمون أثراً لهم. وقد أدى انسحاب الروم وبقاء المسلمين فى تبوك بضع عشرة ليلة أو عشرين ليلة يتحدون فيها قوات الروم إلى توافد كثير من القبائل المسيحية الواقعة حول خليج العقبة لمصالحة الرسول والارتباط معه بمعاهدة صداقه. وقد أتى يوحنا رؤبه صاحب أيله فصالح الرسول صلى الله عليه وسلم وأعطاه الدية، وأتاه أهل (جرباء) و (اذرح) بلدين بالشام فصالحا الرسول على الجزية وكتب لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاب أمن كما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية بقيادة خالد بن الوليد إلى اكيدر بن عبد الملك أمير دومة الجندل فأسره خالد وبعث به إلى رسول الله فحقن له دمه وصالحه على الجزية وخلى سبيله. وكانت هذه الغزوة آخر غزواته صلى الله عليه وسلم ولما عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين ثم جلس للناس فجاء المخلفون يعتذرون إليه ويحلفون له ليرضى عنهم وكانوا بضعة وثمانين رجلا فقبل منهم رسول الله علانيتهم وبايعهم واستغفر لهم ووكل سرائرهم إلى الله. إلا أن الله الذي علم سوء نيتهم لم يقبل عذرهم ولم يرضى عنهم وأخبر رسوله (بأنهم منافقون) لكن ثلاثة من هؤلاء المتخلفين هم كعب بن مالك مرارة ابن الربيع وهلال بن أمية كانوا من السابقين الأولين ولهم حسن بلاء فى الإسلام وقد تخلفوا من غير شك ولا نفاق بل كان تخلفهم إيثاراً وللراحة وفراراً من شدة الحر وزلة وقعوا فيها لحظة من لحظات الضعف الانساني ولم يحلفوا كذبا ولم ينافقوا كما فعل غيرهم بل ندموا على ما فعلوا وصدقوا رسول الله، وشهدوا على أنفسهم فاعتزلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون وقاطعوهم خمسين ليلة وكذلك فعل أزواجهن. ولما تم ما أرداه الله من تمحيص هؤلاء الثلاثة وتعليم المسلمين هذا الدرس الخالد فى عدم التردد والضعف أمام تبعات الجهاد و دواعي الكفاح أنزل الله توبتهم فقال تعالى: { وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}... سورة التوبة آية 118. 74-وفود العرب كان انتصار المسلمين فى فتح مكة وإخضاع القبائل حولها–والقضاء على اليهود حتى أنه لم يعد لهم شأن يذكر بعد خيبر–وعودة الرسول صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك سالماً غانماً بعد أن انسحب الروم من مواجهته وأخضع قبائل الشمال لسلطان المسلمين. كان هذا كله داعياً إلى استجابة القبائل التي لم تكن قد أسلمت بعد إلى دين الإسلام بعد أن تهيأت الظروف لانتشار تعاليم الإسلام، وأخذ الجميع يناقشون دعوة الإسلام هدوء وإمعان بعيدا عن الإرهاب الفكري والجمود العقلي والعصبية المقيتة. فأخذت تعاليم الإسلام طريقها إلى القلوب وزال من نفوسهم التردد والخوف ومن ثم أخذت القبائل تتوافد على المدينة لتعلن الطاعة ولتدين بالإسلام حتى عرفت السنة التاسعة من الهجرة بعام الوفود وأصبح مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة مركزا لهذه الوفود، وكان النبي يستقبل هذه الوفود في سرور وفرح و يأمر أصحابه بتعليمهم الإسلام وتفقيههم في الدين فكانت هذه الوفود تعود إلي مراكزها تحمل روحاً جديدة وحماساً في الدعوة إلي الإسلام وكراهية شديدة للوثنية. ويتحدث ابن إسحاق عن وفود القبائل إلي النبي فيقول: لما افتتح رسول الله مكة، وفرغ من أمر تبوك، وأسلمت ثقيف وبايعت، ضربت إليه وفود العرب من كل وجه وإنما كانت العرب تربص بالإسلام أمر هذا الحي من قريش، وذلك أن قريشا كانوا إمام الناس وهاديهم وأهل البيت الحرام، وصريح ولد إسماعيل، وقادة العرب لا ينكرون ذلك وكانت قريش هي التي نصبت لحرب رسول الله وخلافه، فلما افتتحت مكة ودانت له قريش، ودخلها الإسلام، وعرفت العرب أنه لا طاقة لهم بحرب رسول الله ولا عداوته، فدخلوا في دين الله أفواجا يضربونه إليه من كل وجه.. يقول الله تعالي لنبيه: {إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ {1} وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً {2} فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً {3}... سورة النصر. ولم يكتف النبي صلي الله عليه وسلم بترقب الوفود المقبلة بل أرسل البعوث لنشر دعوة الإسلام فإن الرسول عندما رأي أن قبائل العرب أخذت تسعي للرسول وتفتح قلبها للإسلام وليس في استطاعة الجميع الحضور للمدينة أرسل من قبله بعوثا إلي سائر الجبات لتعليم فرائض الدين وجمع الزكاة، وكان ممن بعثه معاذ بن جبل وأبا موسي الأشعري إلي اليمن وأوصاهما قائلاً: يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا. كما بعث خالد بن الوليد إلي نجران وغير ذاك من البعوث الأخرى | |
|
| |
afw
افضل كاتب عدد الرسائل : 13565 العمر : 40 المكان : مصر اللاعب المفضل : ابو تريكه و بركات ومتعب ناديك المفضل : الاهلى الالقاب : منــ المقهى ــظم ومنظم المسابقة الدينية نقاط : 2464 السٌّمعَة : 5 تاريخ التسجيل : 28/01/2007 نقاط العضوتقاط التمييز: 1208 | موضوع: رد: سلسلة حياة الرسول صلي الله عليه وسلم ( ارجو التثبيت ) السبت 5 يوليو - 13:23 | |
| 75-حجة ابي بكر رضي الله عنه
عندما هل ميقات الحج سنة تسع من الهجرة بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر أميرا للحج علي رأس ثلاثمانة من المسلمين ليقيم لهم حجهم وليؤدوا الفريضة كما نزل بها القرآن ولعل هذه كانت أول حجة للمسلمين في الإسلام. وبعد سفر أبي بكر مع الصحابة نزلت سورة براءة علي رسول الله صلى الله عليه وسلم في نقض ما بين رسول الله وبين المشركين من العهد الذي كانوا عليه فيما بينهم وبينه: ألا يصد عن البيت أحدا جاءه ولا يخاف أحد في الشهر الحرام وكان ذلك عهداً عاماً بين الرسول وبين المشركين. فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وقال له: أخرج بهذه القصة من صدر براءة وأذن في الناس يوم النحر إذا اجتمعوا بمنى أنه لا يدخل الجنة كافر ولا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان ومن كان له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فهو غلي مدته. فخرج علي بن أبي طالب علي ناقة رسول الله (العضباء) حتى أدرك أبا بكر بالطريق فلما رآه أبو بكر بالطريق قال: أأمير أم مأمور؟ فقال: بل مأمور ثم مضيا فأقام أبو بكر للناس الحج حتى إذا كان يوم النحر قام علي بن أبي طالب رضي الله عنه فأذن للناس بالذي أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم. 76-فرض الزكاه وفي السنة التاسعة للهجرة فرضت الزكاة ونزل قوله تعالي: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}... سورة التوبة آية 103. وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أمراءه وعماله علي الصدقات إلي كل ما دخل فيه الإسلام من البلدان فبعث المهاجر بن أبي أمية بن المغيرة إلي صنعاء. وبعث زياد بن لبيد إلي حضر موت. وبعث عدي بن حاتم إلي طئ وبني أسد. وبعث مالك بن نويرة علي صدقات بني حنظلة. وفرق صدقة بني سعد علي رجلين منهم الزبرقان بن بدر علي ناحية منها وقيس ابن عاصم علي ناحية. وبعث العلاء بن الحضرمي علي البحرين وبعث علي بن أبي طالب إلي نجران 77-حجة الوداع استمرت وفود القبائل تقدم علي رسول الله صلى الله عليه وسلم تعلن إسلامها وانقيادها لهذا الدين خلال السنة العاشرة للهجرة، وأمست شبه الجزيرة العربية تؤمن بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلي الله عليه وسلم نبيا ورسولا، وتطهر البيت الحرام من الرجس والأوثان. وها هو موعد الحج قد اقترب وآن للرسول صلى الله عليه وسلم أن يؤدي هذه الفريضة وأن يعلم المسلمين هذا الركن وكيف يؤدون نسكه. فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أواخر ذي القعدة من السنة العاشرة للهجرة ومعه نساؤه كلهن لأداء فريضة الحج وخرج معه من المسلمين ما لا يقل عن تسعين ألفا ووافاه في الطريق خلق لا يحصي عددهم، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حج في الإسلام. وراحت القصواء التي حملت الرسول في هجرته منذ تسع سنوات تقطع الصحراء في لين ويسر حتى بلغ الحجيج (ذا الحليفة) ميقات الإحرام لأهل المدينة فنزلوا وأقاموا ليلتهم بها واغتسلوا وتطيبوا ولبسوا ملابس الإحرام وأحرموا منها وصاروا جميعاًِ ينتظمهم زي واحد ومنهم من أهل بعمرة ومنهم من قرن مع حجته عمرة واختلفت روايات الصحابة هل كان الرسول مفردا أو قارنا أو متمتعا وسار الرسول والمسلمون وهم يقولون (لبيك اللهم لبيك. لبيك لا شريك لك لبيك. إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك) وفي اليوم الرابع من ذي الحجة وصل الركب إلي مكة فدخلها نهاراَ ثم سار الرسول حتى دخل المسجد الحرام من باب بني شيبة فلما رأى البيت رفع يديه وقال: (اللهم زد هذا البيت تعظيما وتشريفا ومهابة وبرا) ولم يركع عليه السلام تحية المسجد إنما بدأ بالطواف لأنه تحية البيت ثم استلم الحجر الأسود وقبله وجعل البيت علي يساره وخبب في الثلاثة أطواف من السبع فأصبح ذلك من مناسك الحج. ولما فرغ من طوافه أتى المقام فقرأ (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلي وصلي ركعتين) ثم خرج فسعي بين الصفا والمروة سبعاًِ فلما كان يوم الترويه الثامن من ذي الحجة وكان الخميس توجهوا إلى منى وباتوا بها وكان ليلة الجمعة. وفي التاسع منه توجهوا إلي عرفات وفيها خطب خطبته التي تعرف بخطبة الوداع قال فيها: أيها الناس اسمعوا قولي فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا، بهذا الموقف أبداً، أيها الناس إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلي أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا وكحرمة شهركم هذا وإنكم ستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم وقد بلغت. فمن كانت عنده أمانة فليؤديها إلي من ائتمنه عليها، وإن كل ربا موضوع ولكن لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون قضى الله أنه لا ربا، وإن ربا عباس بن عبد المطلب موضوع كله، وأن كل دم كان في الجاهلية موضوع وإن أول دمائكم أضع دم ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب وكان مسترضعا في بني ليث فقتله هذيل فهو أول ما بدأ به من دماء الجاهلية. أما بعد أيها الناس فإن الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم هذه أبدا ولكنه إن يطع فيما سوي ذلك فقد رضي به مما تحقرون من أعمالكم فاحذروه علي دينكم. أيها الناس إن النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاماً ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله ويحرموا ما أحل الله. وان الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السموات والأرض، وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً منها أربعة حرم ثلاثة متوالية ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان. أما بعد أيها الناس فإن لكم علي نسائكم حقا ولهن عليكم حقاً لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، وعليهن أن لا يأتين بفاحشة مبينة فإن فعلن فإن الله قد أذن لكم أن تهجروهن في المضاجع وتضربوهن ضربا غير مبرح (شديد) فإن انتهين فلهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف، واستوصوا بالنساء خيرا فإنهن عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئا وإنكم إنما أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن: كلمات الله فاعقلوا أيها الناس قولي فإني قد بلغت وقد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدا بعدى كتاب الله وسنتي. أيها الناس: اسمعوا قولي واعقلوه تعلمن أن كل مسلم أخ للمسلم وأن المسلمين إخوة فلا يحل لامرئ من أخيه إلا ما أعطاه عن طيب نفس منه فلا تظلمن أنفسكم اللهم هل بلغت؟ قالوا: اللهم نعم فقال رسول الله: اللهم اشهد قال ابن إسحاق: كان الرجل الذي يصرخ في الناس بقول رسول الله وهو يعرفه: ربيعة بن أمية بن خلف يقول له رسول الله قل يا أيها الناس إن الرسول يقول: هل تدرون أي شهر هذا؟ يقول لهم فيقولون: الشهر الحرام فيقول: قل لهم إن الله قد حرم عليكم دماءكم وأموالكم إلي أن تلقوا ربكم كحرمة شهركم هذا ثم ذكر حرمة البلد مكة وحرمة اليوم (يوم عرفة). وفي يوم عرفة وبعد انتهاء هذه الخطبة الجامعة نزل قوله تعالي: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}... سورة المائدة آية 3. وعندما سمعها عمر بن الخطاب بكي فقيل له ما يبكيك فقال: ليس بعد الكمال إلا النقصان، ولعله أحس بدنو أجل النبي.
وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بلالا فأذن بعد انتهاء الخطبة ثم أقام الصلاة فصلي بهم الرسول الظهر ركعتين ثم أقام فصلى العصر ركعتين أيضا وكان يوم الجمعة. وبعد غروب الشمس أفاض من عرفة حتى وصل إلي المزدلفة فصلي المغرب ثم صلي العشاء ركعتين وبات المزدلفة ليلة النحر. ثم ركب حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة وأخذ في الدعاء والتضرع والتكبير والتهليل والذكر حتى قبل طلوع الشمس. ثم سار من مزدلفة يوم النحر حتى أتى منى فرمى جمرة العقبة، وخطب الناس خطبة بليغة ثم انصرف إلي المنحر بمنى فنحر ثم حلق رأسه. ثم أفاض إلي مكة راكبا وطاف طواف الإفاضة وشرب من ماء زمزم ثم رجع إلي منى من يومه ذلك فبات بها واستمر الرسول أيام التشريق الثلاثة ثم نهض إلي مكة فطاف طواف الوداع ونادى في الناس بالرحيل فاجتمع الناس فخطبهم ثم توجه عائدا إلى المدينة. | |
|
| |
afw
افضل كاتب عدد الرسائل : 13565 العمر : 40 المكان : مصر اللاعب المفضل : ابو تريكه و بركات ومتعب ناديك المفضل : الاهلى الالقاب : منــ المقهى ــظم ومنظم المسابقة الدينية نقاط : 2464 السٌّمعَة : 5 تاريخ التسجيل : 28/01/2007 نقاط العضوتقاط التمييز: 1208 | موضوع: رد: سلسلة حياة الرسول صلي الله عليه وسلم ( ارجو التثبيت ) السبت 5 يوليو - 13:25 | |
| 78-العود الحميد
توجه الرسول صلى الله عليه وسلم عائداً إلي المدينة بعد أن أدى مناسك الحج وعلم الناس هذه الفريضة ووصاهم فلما رأى المدينة كبر ثلاث مرات وقال: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو علي كل شئ قدير آيبون تائبون عابدون ساجدون لربنا حامدون صدق الله وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده) ثم دخلها نهارا أواخر ذي الحجة مختتم السنة العاشرة من الهجرة إليها. وشاءت إرادة الله تبارك وتعالي أن يعود الرسول إلى المدينة لا ليأخذ حظاً من الراحة، ويعيش أياما من الهدوء والسكينة بعد هذا الجهاد الموصول والكفاح الدامي وهو الرجل الذي بلغ الثالثة والستين من عمره بل عاد ليواصل جهاده ويتابع كفاحه ضد أعداء الإسلام والمسلمين. فقد كتب الله على المجاهدين ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو قائدهم ورائدهم أن تكون حياتهم كلها لله جهاداً وتضحية وأيامهم كلها بذلاً وعطاء في سبيل الحق والواجب وها هو الرسول يتابع جهاده ونضاله حتى النفس الأخير من حياته وفقد وصلت الأنباء بعد عودة الرسول صلى الله عليه وسلم أن فروة بن عمر الجذامي وكان واليا من قبل الروم على معان وما حولها من أرض الشام فاعتنق الإسلام وبعث إلى النبي يخبره بذلك. وغضب الرومان فجردوا على فروة حملة جاءت به وألقى في السجن حتى صدر الحكم بقتله فضرب عنقه علي ماء لهم يقال له: عفران بفلسطين وترك مصلوبا ليرهب غيره أن يسلك مسلكه. فجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشاً كبيراً وأمر عليه أسامة بن زيد بن حارثة وأمره أن يوطئ الخيل تخوم البلقاء والداروم من أرض فلسطين حتى يرهب الروم ويعيد الثقة والطمأنينة على قلوب العرب المقيمين هناك، وكان هذا الجيش يضم كبار المهاجرين والأنصار من بينهم أبو بكر وعمر وغيرهم من كبار الصحابة. ولذلك تحدث بعض الناس في قيادة أسامة لهذا الجيش فقد ظهره غلاما بجانب كبار الصحابة ولما علم الرسول بذلك غضب غضباً شديداً فخرج وقد عصب رأسه فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهل له ثم قال: (أيها الناس ما مقالة بلغتنى عن بعضكم في تأميري - إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل وأيم الله إن كان لخليقاً للإمارة وإن كان لمن أحب الناس إلي وإن هذا لمن أحب الناس إلي بعده). ثم عقد الرسول اللواء لأسامة وخرج أسامة بجيشه حتى نزلوا (الجرف) من المدينة علي فرسخ لكن هذا الجيش لم يكتب له أن يتقدم لتنفيذ مهمته تلك في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ حال مرض النبي واشتداده دون ذلك فتوقف أسامة وجنوده بظاهر المدينة انتظاراً لما يقضي الله به. | |
|
| |
afw
افضل كاتب عدد الرسائل : 13565 العمر : 40 المكان : مصر اللاعب المفضل : ابو تريكه و بركات ومتعب ناديك المفضل : الاهلى الالقاب : منــ المقهى ــظم ومنظم المسابقة الدينية نقاط : 2464 السٌّمعَة : 5 تاريخ التسجيل : 28/01/2007 نقاط العضوتقاط التمييز: 1208 | موضوع: رد: سلسلة حياة الرسول صلي الله عليه وسلم ( ارجو التثبيت ) السبت 5 يوليو - 13:27 | |
| 79-الى الرفيق الاعلي
شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم بوعكة المرض الذى نزل به في أواخر شهر صفر من السنة الحادية عشر للهجرة أو فى أول شهر ربيع الأول وكان مبدأ ذلك أنه صلى الله عليه وسلم خرج إلي بقيع الغرقد من جوف الليل فاستغفر لهم ثم رجع إلى أهله فلما أصبح ابتدئ بوجعه من يومه ذلك. قالت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من البقيع فوجدني وأنا أجد صداعاً في رأسي وأنا أقول وآرأساه فقال بل أنا والله يا عائشة وآرأساه ولما ثقل عليه الوجع وهو فى بيت زوجه ميمونة رضي الله عنها دعا نساءه فاستأذنهن في أن يمرض في بيت عائشة فأذن له فخرج من عند ميمونة بين الفضل ابن العباس ولعلي بن أبى طالب عاصبا رأسه تخط قدماه على الأرض حتى دخل بيت عائشة رضي الله عنها. واشتد المرض برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هريقوا علي سبع قرب من آبار شتى حتى أخرج إلي الناس فأعهد إليهم، قالت عائشة فأقعدناه فى مخضب (إناء يغتسل فيه) لحفصة بنت عمر ثم صببنا عليه الماء حتى طفق يقول: حسبكم حسبكم وعندما أحس رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الآلام قد خفت قليلاً خرج عاصباً رأسه إلى المسجد حتى جلس علي المنبر ثم كان أول ما تكلم به أنه صلى على أصحاب أحد واستغفر لهم فأكثر الصلاة عليهم ثم قال إن عبداً من عباد الله خيره الله بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ما عند الله فبكى أبو بكر رضي الله عنه وقال: بل نحن نفديك بأنفسنا وأبنائنا يا رسول الله فتعجب الناس من بكاء أبى بكر وكلامه ولم يعرفوا مغزاه إلا بعد ذلك. ثم أثنى الرسول علي أبى بكر فقال: إنى لا أعلم أحداً كان أفضل فى الصحبة عندى يداً منه ولو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً ولكن صحبة وإخاء وإيمان حتى يجمع الله بيننا عنده. ثم قال عليه الصلاة والسلام يعلم أصحابه ويقدم لهم النصائح الغالية ويرسم لهم معالم الطريق وأسباب النجاة التي ينبغى أن يتمسكوا بها: أما بعد أيها الناس. فمن كنت جلدت له ظهراً فهذا ظهري فليستقد منه ومن كنت شتمت له عرضاً فهذا عرضي فليستقد منه. ألا وإن الشحناء ليست من طبعي ولا من شأني ألا وإن أحبكم إلا من أخذ مني حقاً إن كان له أو أحلني منه فلقيت الله وأنا طيب النفس وقد أرى أن هذا غير مغن عني حتى أقوم فيكم مراراً. ثم نزل فصلى الظهر ثم رجع فجلس على المنبر فعاد لمقالته الأولى في الشحناء وغيرها فقام رجل فقال يا رسول الله: إن لى عندك ثلاثة دراهم. فقال: أعطه يا فضل بن العباس ثم قال النبي: أيها الناس من كان عنده شئ فليؤده ولا يقل: فضوح الدنيا ألا وأن فضوح الدنيا أيسر من فضوح الآخرة فقام رجل فقال: يا رسول الله عندى ثلاثة دراهم غللتها في سبيل الله قال: ولم غللتها؟ قال: كنت إليها محتاجا قال: خذها منه يا فضل ثم قال: أيها الناس من خشى من نفسه شيئا فليقم أدع له فقام رجل فقال: يا رسول الله إنى لكذاب، إني لفاحش، إني لنؤوم فقال النبي: اللهم ارزقه صدقا وإيمانا وأذهب عنه النوم إذا أراد ثم قال رجل فقال: والله يا رسول الله إني لكذاب وإني لمنافق وما من شئ إلا قد جنيته فقام عمر بن الخطاب فقال له فضحت نفسك أيها الرجل فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يابن الخطاب فضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة: اللهم ارزقه صدقا وإيمانا وصير أمره إلى خير. ثم أوصى بالأنصار خيرا فقال كما ذكر عبد الله بن كعب بن مالك: "يا معشر المهاجرين استوصوا بالأنصار خيراً فإن الناس يزيدون وإن الأنصار علي هيئتها لا تزيد وأنهم كانوا عيبتي (مكمن سره) التي أويت إليها فأحسنوا إلى محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم من على المنبر ودخل بيت عائشة. وفي يوم من أيام مرضه أوصى المسلمين أن يجيزوا وفد أسامة بن زيد وألا يتركوا فى جزيرة العرب دينين وقال (أخرجوا منها المشركين) وزادت وطأة المرض علي رسول الله حتى لقد تأذت فاطمة ابنته من شدة ما يلقى فقالت: وأكرب أبتاه فقال: ليس علي أبيك كرب بعد اليوم. وأغمي عليه مرة فلده أهله فلما أفاق كره ذلك منهم وكان إلى جواره قدح فيه ماء يغمس فيه يده ثم يمسح وجهه بالماء ويقول:اللهم أعنى على سكرة الموت. أبو بكر يصلى بالناس قالت عائشة: لما استعذر برسول الله صلى الله عليه وسلم قال مروا أبا بكر فليصل بالناس فقالت عائشة: يا نبي الله إن أبا بكر رجل رقيق ضعيف الصوت كثير البكاء إذا قرأ القرآن فقال: مروه فليصل بالناس قالت: فعدت بمثل قولى فقال الرسول: إنكن صواحب يوسف فمروه فليصل بالناس قالت: فوالله ما أقول ذلك إلا أنى كنت أحب أن يصرف ذلك عن أبى بكر وعرفت أن الناس لا يحبون رجلا قام مقامه أبدا، وأن الناس سيتشاءمون به فى كل حدث كان فكنت أحب أن يصرف ذلك عن أبى بكر. وصلى أبو بكر بالناس سبع عشرة صلاة كما ذكر الوافدي، وذكر عكرمة انه صلى بهم ثلاثة أيام وهذه الأيام التي تخلف فيها النبي عن إمامة الصلاة كانت من أشد الأيام ثقلاً عليه. اليوم الذى قبض فيه الرسول وظل أبو بكر يصلى بالمسلمين حتى إذا كان يوم الاثنين الذى قبض الله فيه رسوله خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عاصباً رأسه وهم يصلون الصبح فلما رآه المسلمون أفسحوا له مكانا فعرف أبو بكر أن الناس لم يصنعوا ذلك إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فنكص عن مصلاه فدفع رسول الله ظهره وقال: صل بالناس وجلس رسول الله إلى جنبه فصلى قاعدا عن يمين أبى بكر فلما فرغ من الصلاة أقبل على الناس فكلمهم رافعاً صوته حتى خرج صوته من باب المسجد يقول: أيها الناس، سعرت النار، وأقبلت الفتن كقطع الليل المظلم، وإنى والله ما تمسكون علي بشئ، إنى لم أحل إلا ما أحل القرآن، ولم أحرم إلا ما حرم القرآن فلما فرغ رسول الله من كلامه قال له أبو بكر: يا نبي الله إنى أراك قد أصبحت بنعمة من الله وفضل كما تحب، واليوم يوم بنت خارجة أفأتها؟ قال: نعم ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج أبو بكر إلي أهله بالسخ (من ضواحى المدينة) وانصرف الناس وهم يظنون أن رسول الله قد أفاق من وجعه. وهكذا ظل الرسول صلى الله عليه وسلم حتى اللحظة الأخيرة من حياته حريصا علي نصح أمته معلم القلب بشئونها موضحا لها طريق الإسلام ومعالمه محذرا لها من كل انحراف أو ضلال. قالت عائشة رضى الله عنها: وعاد رسول الله من المسجد فاضطجع في حجرى ودخل علي رجل من آل أبي بكر وفى يده سواك أخضر فنظر رسول الله إليه فى يده نظرا عرفت أنه يريده.. فأخذته منه فمضخته حتى لينته ثم أعطيته إياه، فاستن به كأشد ما رأيته يستن قط ثم وضعه، ووجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يثقل في حجرى فذهبت أنظر إلى وجهه فإذا بصره قد شخص وهو يقول: بل الرفيق الأعلى من الجنة فقلت: خيرت فاخترت والذى بعثك بالحق. وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم الاثنين الثانى عشر من ربيع الأول سنة إحدى عشر للهجرة على أرجح الأقوال. وهكذا فارق الرسول العظيم دنياه ولحق بمولاه بعد أن بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، وجاهد فى الله حق جهاده، وخلق من الشعب العربي شعباً جديداً كان له أعظم الأثر فى تغير وجه التاريخ الإنسانى. وقد نزلت وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصحابة كالصاعقة، فأصيبوا بذهول شديد هز كيانهم وحجب عنهم إدراك هذه الحقيقة القاسية. حقيقة أن الحياة مهما طالت لابد لها من نهاية وأن العمر مهما امتد فلابد من الموت وأن بني البشر مع هذه الحقيقة سواء. قال تعالى لرسوله: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ}... سورة الزمر - آية 30 ولنا أن نتصور مبلغ الأسى واللوعة التى شملت المسلمين في هذا اليوم الحزين حتى أنهم لا يدرون ماذا يفعلون، ومن ذلك ما صنعه عمر بن الخطاب رضى الله عنه فى هذا اليوم وهو المعروف بقوته وشجاعته وثباته. فقد أنكر على من قال: مات رسول الله وخرج إلى المسجد وخطب الناس وقال "إن رجالاً من المنافقين يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توفى وإن رسول الله ما مات ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران فقد غاب عن قومه أربعين ليلة ثم رجع إليهم بعد أن قيل قد مات ووالله ليرجعن رسول الله كما رجع موسى فليقطعن أيدى رجال وأرجلهم زعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات. وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه رجل الساعة حقا فقد أقبل من منزله حين بلغه الخبر حتى نزل على باب المسجد وعمر يكلم الناس فلم يلتفت إلى شئ حتى دخل على رسول الله في بيت عائشة وهو مسجى (مغطى ببرد) فكشف عن وجهه الكريم فقبله ثم قال: بأبى أنت وأمى أما الموته التى كتب الله عليك فقد ذقتها ثم لن يصيبك بعدها موت أبداً ورد البرد علي وجهه صلى الله عليه وسلم ثم خرج وعمر ما زال يكلم الناس فقال: على رسلك يا عمر فأنصت لكن عمر ظل مهتاجا مندفعا في كلامه فلما رآه أبو بكر لا ينصت أقبل على الناس فلما سمع الناس كلامه أقبلوا عليه وتركوا عمر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: (أيها الناس من كان يعبد محمداً فإن محمد قد مات ومن كان يعبد الله فان الله حي لا يموت) ثم تلا هذه الآية: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ}... سورة ال العمران - آية 144. يقول من شهد هذا الموقف: والله لكأن الناس لم يعلموا أن هذه الآية نزلت حتى تلاها أبو بكر يومئذ وأخذها الناس عن أبى بكر فإنما هى في أفواههم ويقول عمر عن نفسه حينئذ: والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها فعقرت (تحيرت ودهشت) حتى وقعت إلى الأرض وما تحملني رجلاي وعرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات. وهكذا عاد المسلمون إلى رشدهم وسلوا بقضاء الله الذى لا مرد له، واستطاع الرجال الكبار الذين رباهم الرسول صلى الله عليه وسلم ليتحملوا الأمانة من بعده أن يواجهوا الموقف بثبات وحكمة فبايعوا أبا بكر الصديق رضى الله عنه بالخلافة، وأقاموا بتجهيز رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفنه واختلفوا في موضع دفنه أيدفن في مسجده؟ أم في بيته؟ فقال لهم أبو بكر الصديق إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:ما قبض نبي إلا دفن حيث قبض فرفع فراشه الذي قبض عليه وحفر تحته ودخل الناس أفواجا للصلاة عليه الرجال ثم النساء ثم الصبيان لا يؤم أحد أحداً. وبذلك بدأت حقبة جديدة في تاريخ الدولة الإسلامية هي ما نسميها بعصر (الخلفاء الراشدين) وقد استطاع هؤلاء الخلفاء الراشدون أن يحملوا الأمانة بعد نبيهم وأن يواصلوا الجهاد ضد أعداء الإسلام وأن يفتحوا أرض الله الواسعة لينشروا بين جنباتها كلمة التوحيد والهداية ولسوف يبقى دين الإسلام بمشيئة الله تعالي ما بقيت السموات والأرض ولسوف تستمر تعاليم رسول الله صلى الله عليه وسلم التى قضى حياته فى سبيل نشرها والدعوة إليها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. .
| |
|
| |
afw
افضل كاتب عدد الرسائل : 13565 العمر : 40 المكان : مصر اللاعب المفضل : ابو تريكه و بركات ومتعب ناديك المفضل : الاهلى الالقاب : منــ المقهى ــظم ومنظم المسابقة الدينية نقاط : 2464 السٌّمعَة : 5 تاريخ التسجيل : 28/01/2007 نقاط العضوتقاط التمييز: 1208 | موضوع: رد: سلسلة حياة الرسول صلي الله عليه وسلم ( ارجو التثبيت ) السبت 5 يوليو - 13:29 | |
| انتهت بحمد الله
اسال الله العظيم ان ينفعني بها وان ينفع بها غيري فهو ولي ذلك والقادر عليه واسأله تعالي ان ينفعنا بنبينا وأن يجعله شفيعاً لنا يوم لا ينفع مال و لا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم وصلى الله على سيدنا محمد كلما ذكره الذاكرون وغفل عنه الغافلون.
| |
|
| |
فارس الاحلام عضو مشارك
عدد الرسائل : 89 العمر : 32 المكان : فلسطين اللاعب المفضل : محمد ابوتريكة ناديك المفضل : الاهلي نقاط : 5 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 30/05/2008
نقاط العضو تقاط التمييز: 0
| موضوع: رد: سلسلة حياة الرسول صلي الله عليه وسلم ( ارجو التثبيت ) الخميس 7 أغسطس - 1:06 | |
| بارك الله فيك جزاك الله كل خير | |
|
| |
Nadal #1 مستشارعام المنتدي
عدد الرسائل : 12461 العمر : 30 المكان : فـــــ الـــبـــيـــت ـــــى اللاعب المفضل : مــحــمــد أبــوتــريــكــة ناديك المفضل : الأهـــــلـــــى نقاط : 11543 السٌّمعَة : 16 تاريخ التسجيل : 29/02/2008
نقاط العضو تقاط التمييز: 1893
| موضوع: رد: سلسلة حياة الرسول صلي الله عليه وسلم ( ارجو التثبيت ) الخميس 7 أغسطس - 2:53 | |
| | |
|
| |
ahlaweya
عضو مميز< عدد الرسائل : 6542 العمر : 31 المكان : في الدروووس اللاعب المفضل : Abo treka & barakat ناديك المفضل : sure el-ahly نقاط : 153 السٌّمعَة : 3 تاريخ التسجيل : 25/06/2007 نقاط العضوتقاط التمييز: 182 | موضوع: رد: سلسلة حياة الرسول صلي الله عليه وسلم ( ارجو التثبيت ) الجمعة 8 أغسطس - 16:42 | |
| شكرا يا احمد وجزاك الله كل خير
| |
|
| |
| سلسلة حياة الرسول صلي الله عليه وسلم ( ارجو التثبيت ) | |
|